عطا الله نور
تبذل
الجهات أو المؤسسات العامة والخاصة جهوداً كبيرة لاستقطاب الموظف الجيد بانتقائه
واختياره، وتعيينه بمراتب جيدة وفق متطلبات وظيفية توافق توجه المؤسسة، وتحافظ عليه
بتقديم حوافز مادية وعينية ومعنوية، كالمرونة في التعامل وتقليل ساعات العمل وغيرها
من الحوافز.
ذلك
لأن الموظف الجيد والمتميز عملة نادرة، ويمثل حجر الزاوية في منظومة العمل، لما له
من أهمية في المشاركة بأفكار بناءة تفيد
المؤسسة وترتقي بالعمل فيها، سواء كانت هذه الجهة ربحية أم خدمية.
ولعل
من الأمور البديهية لدى القادة والإداريين أن العناية بتطوير الموظف، وتأهيله،
ومراعاة نفسياته، ومنحه ما يستحقه من أجر، وتهيئة الأجواء المناسبة له؛ يعود
بالنفع في الدرجة الأولى للمؤسسة ذاتها.
لذلك
يلجأ كثير من القادة الواعين إلى عدم التعامل مع الموظف كأداة تنفيذية فقط، بل يتواصلون
معه، ويرعون شؤونه، ويعطونه قدراً مناسباً من الأهمية والثقة، ويسنون القوانين
والأنظمة الخاصة بالحوافز والمكافآت التشجيعية عند إنجاز عمل أو بذل جهد إضافي، أو
عند المساهمة في تحقيق أهداف المؤسسة أو الالتزام بالمعايير التي تم وضعها،
تفريقاً بين الموظف الذي يعمل والذي لا يعمل، من باب (هل يستوي الذين يعلمون
والذين لا يعلمون). والعمل على تحويل مشاعر الموظفين من الشعور الوظيفي إلى شعور
الشراكة، باعتباره شريكاً في المؤسسة وليس أجيراً يتقاضى راتباً مقابل وظيفة
يؤديها وحسب.
وكثير
من المؤسسات تفشل في تحقيق هذا المبدأ الهام والضروري، وذلك بسبب عدم منح موظفيها الثقة
الكافية، أو عدم تلبية احتياجاتهم المادية والمعنوية، أو عدم خلق بيئة مناسبة
لتنمية الدافع الداخلي لديهم للبذل والتضحية، فبالتالي يصبح الموظف كالأداة أو
الآلة، همه متى تنتهي ساعات الدوام، وهو نفس المنطق الذي يجعل الإنسان لا يغسل
السيارة المستأجرة قبل إعادتها إلى مكتب التأجير، بخلاف سيارته فهو دائماً يريد أن
يراها نظيفة ولماعة وجميلة، لأن الشعور بملكية الشيء يدفعه للعناية به وحمايته وإعطاء
أفضل ما لديه فيه.
إن
إشعار الموظف بأنه شريك في المؤسسة ينمي فيه حس المسؤولية، ويحقق في نفسه مبدأ الولاء
للمؤسسة، ويعطيه الدافعية لبذل وتقديم تضحيات كثيرة، لأنه يشعر بأنه جزء من هذه
المؤسسة، ويجد متعة في كل دقيقة أو ثانية يقضيها في العمل مهما طال الوقت أو تعدى
الدوام الرسمي، عندها يبدأ باستخدام ضمير المتكلم بدل الغائب فيقول: «مدارسنا» بدل
«مدارسهم أو المدارس»، وهنا اعتبر نفسه عضواً مهماً بعد أن كان موظفاً دافعه وهمه
الحصول على المرتب فقط.
عطا الله نور - مكة المكرمة