الصفحات

الأحد، 26 سبتمبر 2010

المجتمعات الآسيوية في مكة المكرمة


عطا الله نور – كاتب صحفي

تطالعنا بعض الصحف المحلية بين الفينة والأخرى بمقالات من كتابها تظهر قضايا المهاجرين أو المقيمين في المملكة منذ أمد، وهذه المقالات في مجملها تطرح أفكاراً وحلولاً بشأن هذه الفئة من المجتمع الذي وجد في هذه الأرض الطاهرة، وانتقلوا للعيش فيها إما لاكتساب الجنسية أو للعمل المؤقت أو الإقامة الدائمة أو طلباً لحياة أفضل.
وفي مقالي هذا سوف أسلط الضوء على فئة من هؤلاء، وهي المجتمعات الآسيوية التي هاجرت إلى المملكة وبخاصة مكة المكرمة منذ تأسيس هذا الكيان العظيم على يد المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبد العزيز آل سعود.
وتعتبر المجتمعات الآسيوية في مكة المكرمة -حرسها الله تعالى وعمّرها- من أقدم المجتمعات هجرة، حيث أتوا من كل فج عميق، واختارت هذه المجتمعات مكة المكرمة مهجرا لهم، ومحطَّ رحلاتهم الطويلة من بلدانهم الأصلية، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: البرماويون والفطانيون والماليزيون والهنود والباكستانيون والبخارية والتركستانيون... وغيرهم.
فمن هؤلاء من هاجر هرباً من ظلم واضطهاد المستعمرين والمحتلين، ومنهم من أراد مجاورة بيت الله العتيق والكعبة المشرفة، فأكرمتهم حكومة المملكة العربية السعودية، ومنحت لهم تصاريح الإقامة بمهنة (مجاور للعبادة)، كما هو الحال مع البرماويين، وهذه المجتمعات استوطنت هذه البقعة وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من تكوينها الاجتماعي، ومنهم من تشرّف بحصوله على الجنسية السعودية فأصبح مواطناً يمارس أدوار حياته بكل راحة وسهولة، ومنهم من لم يكتب الله له هذه المنحة، فبقي مقيماً في هذه الأرض الطيبة الطاهرة، واستبدلت بعاداتها وتقاليدها عادات المجتمع السعودي وتقاليده، وأصبحت جزءاً من نسيج المجتمع المكي، ولاشك أن فئة كبيرة من هذه الشريحة يحملون الشهادات العالية، فمنهم الدكتور، ومنهم المهندس، ومنهم الطبيب، بل منهم معلم الأجيال، ومحفظ القرآن، وطلبة العلم، وأئمة مساجد، ودعاة وعلماء.
ولأهمية هذه الفئة اتجهت جهات عدة إلى منحها بعض الاعتبار الاجتماعي، ومن أبرزها جمعية مراكز الأحياء بمكة المكرمة؛ حيث أتاحت لها فرصة المشاركة في حفلات معايدة أهالي مكة المكرمة، بتخصيص مراكيز لهم، غير أنه لم يتم النظر في وضعهم أو دمجهم في المجتمع نظاميا ورسميّا، فلم يحظوا بشرف الانتماء إلى هذه الدولة التي لا يعرفون وطنا لأنفسهم سواها؛ حيث ولدوا فيها، واستظلوا بسمائها، وأكلوا من خيراتها، وتعلموا في مدارسها، وتربوا على ترابها الطاهر، فلماذا لا يستفاد من هذه الفئة بمنحهم الجنسية الوطنية وتفتح أمامهم مجالات أرحب وأوسع للإبداع والتميز ؟ ونحذو حذو الدول المتقدمة التي استفادت من العقول المهاجرة بعد تجنيسهم وفتح مجالات الإبداع أمامهم، خاصة وأن دولتنا تتميز بالاستقرار الاقتصادي، وتشهد هذه القفزات الهائلة من التطور العلمي والتقدم المعرفي والتفوق في مختلف المجالات.